موضوع: تاريخ الفيديو جيمز وتطوراته الإثنين يناير 07, 2008 5:09 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان يا ما كان ، وفي سالف الدهور والأزمان ، أشخاصٌ يلعبون بما يُسمّى بـ " ألعاب الفيديو " . كان الأمر لا يعدو كونه مجرّد شاشةٍ وذراع تحكّم موصولةً بما يُسمّى الآن بـ Console . في ذلك الوقت ، كانت تُعرض على تلك الشاشة مجموعة صور ، صورةٌ تلي الأخرى بسرعة كبيرة لدرجة أن المشاهد يلحظ أن المسألة لا تعدو كونها مجرّد صور منفصلة كالتي يُشاهدها في " الرسوم في المتحرّكة " . أيضاً كانت تلك الشاشة تعرض الصور كـ " مسطّح " واحد ، وكأنها رسمة بسيطة على ورق رسم بياني! فلم تكن الصور تتحرك سوى في اتجاهين فقط ، على المحور السيني ( x ) باتجاه الأفق يميناًَ ويساراً ، والمحور الصادي ( y ) في اتجاه الأعلى والأسفل . فكرة بسيطة ، ومتعة لا تنتهي .. حينما ترى الطائرات الحربيّة ،والمدرّعات تمشي وتطلق القذائف فقط في بُعدين .. حيث لا مفرّ ، والحدود تحيط بك من كل جانب .
مرّت السنون ، وتطوّر العلم ، وتطوّرت تلك " ألعاب الفيديو " ، فوصلت لمرحلة تُمسك فيها مسدّساً وتقوم بتشغيل اللعبة ، وتتابع تلك الأطباق الطائرة التي تُقذَف في الجو وكأن الشاشة تلدُها وتُطلقها نحو الاتجاه العميق ليتابعها اللاعب بمسدّسها ويحاول اقتناصها قبل أن تختفي !! في ذلك الوقت وُلِد المحور الثالث ( z ) الذي يتحرك باتجاه الداخل والعُمق ، ولكنه كان في طور النمو ، لأن تلك الأطباق كانت تختفي عندما تصل لنهاية الشاشة بمحورها الثالث !
فكان السؤال المحيّر للكل: هل يمكن إيجاد النهاية للمدى الذي تصله تلك الأطباق ؟! وسؤال يجرّ آخر: لمَ لا تكون ألعابنا ثلاثيّة البُعد ؟! ويليه آخر: بناءً على إيجاد المحور الثالث في بيئة ألعابنا ، هل سنستحدث ألعاب ثلاثيّة البعد ؟! سؤال أخير: ماذا عن البعد الرابع ؟!؟!
ولأن مفردة " المستحيل " لا توجد في قواميس أصحاب النظرة الثاقبة ، ولا تكاد تكون مسموعة لآذان العلم ، فإن إجابات تلك الأسئلة تُطبّق الآن في ألعاب الجيل الجديد !
+++++ +++++++
- [ يَـا لَـهَـا مِـنْ سَـرِيـعَـةٍ ! ] - +++++++
من كان يتنبأ بما سيحصل ؟ من كان يتخيّل أنه من لعبة Super Marioالكلاسيكيّة والتي تنتهي بمجرّد وصولك لنقطة محدّدة سيتطور الأمر لتصل الألعاب إلى مساحات شاسعة ؟!
حركة من اليسار إلى اليمين فقط .. كخط مستقيم متّجه ثابت !
لقد كان المولد الحقيقي لتوسّع مساحات اللعب في مختلف مجالات ألعاب الفيديو بدءاً من أجهزة الـ 32 والـ 64 بت . الذي أظهرت وأثبتت أن المشوار لا زال في بداياته عندما فتحت مجالات للعب في بيئة ثلاثيّة البعد بالكامل ! سواءً كانت ألعاب تحوي عنصر الآكشن بأنواعه من تصويبٍ بمنظور الشخص الأول أو حتى منظور الشخص الثالث ، حتى في الألعاب القتالية التي كانت نواتج تواجدها في بيئة ثلاثيّة البعد " مستحيلة الحل " ، ولكن المستحيل " مستحيلٌ " الاعتراف به في تلك الحالة! حتى في ألعاب التعاقب في الدور RPGأُضيفت نكهة ثلاثيّة البعد زادتها جمالاً وجاذبيّة ... لقد تغيّرت الحال كلياً .
واستناداً على مبدأ " لا مستحيل " ظهرت أجهزة الـ 128 بت ، التي كانت لحالها ثورةً عُظمى في عالم الألعاب! لا زلت أذكر لعبة Red Factionالتي كانت أول لعبة تصويب بمنظور الشخص الأول امتازت بتلك الخاصيّة . وذلك عندما تواجه باباً لا يمكن فتحه فلست بحاجة للعودة مئات الأمتار لجلب المفتاح الخاص به وتكلّف التعب ومسافة الطريق ومواجهة الأعداء والمخاطر الصعبة ، في حال كنت تمتلك قاذفة صواريخك المحبّبة لتحطّم ذلك الباب دون التفكير بتكاليف الإصلاح ، ودون التفكير في عسر الماضي عندما كانت أشبه بالتعقيد في هذه الحالة ! اختراق للجدران بعد تحطيمها بدلاً من ارتقائها كالمعتاد ، الخوض داخل ممرات تحت الأرض بعد الحفر للوصول باختصارات .. لا أقول بأنها عالم منفتح ، ولكنه كان قابلاً لـ " شبه الانفتاح " !
أخيراً أصبح بالإمكان " إنطاق " البيئة !
إلى أن خرجت Rockstar عن صمتها بإصدارها لتحفتها الفنيّة Grand Theft Auto III التي أسكتت غريمتها Driver 2، وذلك بشمولها الذي أذهل الجميع !! مقدّمةً تصويراً لمدينة Liberty City بشكل رهيب ؛ مدينة واسعة ، شوارع مختلفة ، أناس مختلفون بأشكالهم وطباعهم ، طقوس ومناخ متقلّب اعتماداً على الوقت ... من كان يتوقع هذا ؟ أكاد أجزم: لا أحـد !!
وتنتشر ظاهرة اتساع الألعاب إلى أن وصلت للألعاب القتالية ، فها هي MK: Shaolin Monks تخوض التجربة بطريقة أخرى . أيضاً ظهرت سلسلة Def Jam التي أعطت معاييراً وأبعاداً مبدئية لإمكانية الخروج عن الإطار مستقبلاً !
شيئاً فشيئاً ، يصمت الجميع ، لتحين ساعة الصفر معلنةً انفجار قنبلة Rockstar الموقوتة ، وهي GTA: San Andreas ! لن أتحدث أكثر ، بل يكفي أن أُذكّر بأنها احتوت ثلاث مُدنٍ الواحدة منها بحجم مدينة من الأجزاء السابقة بل أكبر وأضخم وأشمل !
ماذا بعد؟ هل رُسمت حدود الألعاب بهذه اللعبة ؟! كلا وألف كلا !! لقد كانت مجرّد ... بداية !! نعم بداية ، تعمّدت أن أبدأ هذه المقدمة السريعة بدءاً من الألعاب التي بدأ بها أبلغنا وصولاً لآخر ما توصّلنا له منها ! ولكن ، ما هي المقدّمات التي سبقت هذه البداية ؟ وما هي الحوافز والمحفّزات ؟ لنتعرف على تاريخ هذه الثورة !
البداية لهذه الفكرة التي " كانت " صغيرة في بداية الثمانينات ، عندما اجتمع Ian Bell( مبرمج كان يعمل على لعبة فضائية تُدعى Freefall ) بمبرمج آخر وهو David Braben( والذي هو بدوره كان يعمل على مشروع لعبة لم يُسمّيها وتدور أحداثها وفكرتها حول سفن فضائية تخوض حروباً تدميرية فيما بينها ) في كامبريدج !
اتفق الاثنان وقتها على التعاون في لعبة أشبه بالتصويب الفضائي ، وأسموها Elite وتعني " النخبة " !
لقد كانت بسيطة ، ولكن وقتها كانت شيئاً غير مسبوق ، بالبيئة " المتفاعلة " والمتّسعة ، لقد أظهرت اختلافاً وتغيّراً في المسار المعتاد للألعاب !
ولأن كل شيء لا يكتمل ، فإن المشكلة بقيت في ذلك الوقت . وذلك عندما تجدُ نفسك قد علقت ، فقد علقت !! اللعبة لم توفّر حريّة أكثر ، والأكثر غرابة أنه لم تظهر ألعابٌ تحاكيها في الطريقة والتوسّع . بعد عشر سنوات من هذه اللعبة ، وفي عام 1993 تم إصدار الجزء الثاني من اللعبة Elite 2: Frontier !
صورة تظهر الجزء الثالث من اللعبة ، وما قبلها تظهر الجزء الثاني
++
وخلال هذه العشر سنوات التي كانت بين الإصدارين ، وفي سنة 1985 تحديداً ظهرت لعبة Mercenary الكلاسيكيّة . اللعبة التي تدور فكرتها حول حروب الجماعات من أجل المال والاحترام ، والتي تركّز على عامل التجوال في أنحاء الكوكب . بعدها بسنتين ( 1987 ) ظهرت أول لعبة RPGثلاثيّة البعد والتي تعتمد على عامل " التعامل الفوري / Real-Time" واسمُها Dungeon Master..
الصورة تعطي انطباعاً وتذكيراً لي شخصياً بلعبة Castlevania: Lament of Innocence إذا ما أخذنا قائمة الأدوات والأسلحة في الاعتبار ، حيث بإمكانك تغيير عدّتك أثناء مرور وقت اللعب والأعداء مستمرين في الحركة !
لقد كانت كل تلك الألعاب تُعطي الإحساس ذاته للاعب بأنه يتحرك في عالم حقيقي ومتفاعل ، ولكنها كلها لم تُحقق المفهوم المُراد الوصول " اذهب لأي مكان ، افعل ما تشاء " .. فلا زالت محدودة ، ولم تقدّم فعلاً شيئاً متقدماً مما قدمته Elite سابقاً ! يقول Gary Penn ( أحد أفراد الفريق المنتج للعبة Elite ) أنه من بعد سنوات لإطلاق لعبتهم ، قام بمقابلة صديقه David Barben ( سبق وأن تحدثت عنه ) وهو يعمل في شركة DMA Design . وبدأ الأخير يتحدث بحماسة منقطعة النظير عن مشروعه القادم ، عن اللعبة التي توفّر الحريّة ، عن اللعبة التي ستكون كـ Elite ولكن بفارق واحد ؛ لأنها ستكون داخل مدينة ..
نعم ، لقد كانت Grand Theft Auto !
اللعبة التي كانت تشمل كفكرة إضافة شوارع عدّة ، وأشكال تُمثّل الناس يركضون ويتجولون في بيئة منفتحة ومدينة ضخمة ( أي بمفهوم المدينة الحيّة ) . يقول Penn : " نمت فكرة المشروع بسرعة مناسبة لمسافة الطموح ، وأخذ الجميع بالإعداد للعبتهم بحماسيّة عندما عملنا في DMA Design " !
ويُكمل: " في أول يومٍ لي مع الفريق ، أخذني أحدهم إلى مكتبي الذي سأعمل فيه ، ثم أعطاني ورقة رسم بياني ضخمة ( 256 مربّع × 256 مربّع ) . وقال بأن كل مربّع سيُمثّل مساحة ( 4م × 4م ) من اللعبة . ثم أخذ قلماً ووضع على المربّع الأعلى من الجهة اليسرى في الورقة نقطةً صغيرة ، وقال بأنها تُمثل تقريباً حجم اللاعب !! بعدها أمرني بتصميم مدينة في هذه المساحة من الورق ، وتوزيع المهام فيها التي يؤديها اللاعب . سألني بعدها إذا كنتُ أمتلك أسئلة أخرى . حينئذٍ قهوتي كانت قد بردت وكنت مستعداً للهروب من الباب صارخاً بأعلى صوتي !!
مع كل هذا الحماس ، لم تظهر GTAكتلك العملاقة التي يُنظر إليها كالشيء الضخم . وبصراحة لا أعتقد أن أياً منا كفريق عمل امتلك الإيمان بنجاح اللعبة والثقة فيها . والحقيقة أن هذا كان مؤثراً سلباً على معنوياتنا .. كيف ستنجح فكرة كهذه ؟!
وحتى قبل سنة من إصدارِها ، بدأت الفكرة تحلو وتحلو ، وصارت فكرة تنفيذ المهام في مدينة أكثر سهولة للاستساغة ، ومطاردة السيارات أصبحت متعةً لا توصف .. نحن ننتظر لنعلنها ونُطلقها في الأسواق .. إلى عام 1997 !! لقد تفاءلتُ نعم ، ولكنني لم أتوقع بأن تصبح هذه اللعبة هي طاغوت المبيعات حتى هذا اليوم !
هذه هي سارقة قلوبكم الآن بأجزائها الكلاسيكية ، التي بدأت بـ " ورق رسم بياني " !!
+++++ +++++++
ومع إطلاق أجهزة الجيل التالي ( وتحديداً PS2 ) تم العمل على الجزء الثالث من اللعبة ( GTAIII ) . والتي تحمل نفس الفكرة لجزأيها السابقين ولكن مع اختلاف بسيط .. لقد كانت ثلاثيّة البعد !... لا لا لا !! أعتذر عن تسرّعي الأحمق .. لقد كانت " رُباعية البعد " !!
هذا الحلم الذي تحقّق في عالم الألعاب ، مولد لعبة توفّر لك جميع الأبعاد الأربعة . قد يتساءل البعض ما هذه الأبعاد ؟! وما هو هذا البعد الرابع ؟! سأكرر مرة أخرى ما سردته سابقاً مع زيادة طفيفة:
البعد الأول ، كالمحور السيني ( x) ويعني الحركة يمنةً ويسرةً . البعد الثاني ، كالمحور الصادي ( y) ويعني الحركة أعلى وأسفل . البعد الثالث ، كمحور جيم ( z) ويعني الحركة للداخل والخارج . البعد الرابع ، وهو العنصر المفقود ( الزمن / TheTime ) !!
نعم ، لقد قفزت GTA من بعدين لأربعة أبعاد ، ووفّرت في جزئها الثالث خاصية الزمن وتقلّب الجو استناداً على الوقت في حركة لم تسبقها إليها أيٌّ من الألعاب الأخرى . غيّرت هذه الثورة الكثير من المفاهيم التي نلحظ نتاجها الآن ، بإعطائها اللاعب الحريّة في التجوال مع مراعاة التغيّرات التي تحدث مع الزمن ! تجوّل في مدينة الحريّة بلا حسيب ولا رقيب ، اسرق السيّارات وخبّئها في مرآبك الخاص . ادخل لمقرّك وانعم بنوم هادئ .. و و و .. من كان يتوقّع هذا الشيء ؟ لا أحد !!
لم تعد أسطح المباني مجرّد " زينة "
بسبب هذا احتلت GTAIII المركز الأول مبيعاً في أميركا لسنة 2001 . وفي السنة التي تلتها ( 2002 ) لم يتغير في التصنيف الشيء الكثير ، لأنه وبكل بساطة احتلت التصنيف اللعبة التي كانت بمثابة التكملة لسابقتها .. لقد كانت GTA: Vice City ! هذه اللعبة التي أضافت للاعب الحرية بشراء العقارات ، وامتلاك المنازل والمسارح وغيرها والتصرّف وكأنه في حياته الحقيقية ! بعدها بدأت جميع شركات الألعاب تتبع نهج Rockstar في استحداث ألعاب تتمتع بميزة Open-World .. فكانت True Crime و Mercenary وغيرها ! وفي عام 2006 أصبحت الألعاب التي تُتيح مبدأ " العوالم المفتوحة " هي النغمة الطاغية في الموسم ، بالبيئة الضخمة التي تجعلك تذهب لأي مكان ! ولكن يقول David Braben : " ليست هذه بالأخبار الجيّدة ، صحيح أن هذه الألعاب توفر المدن والعوالم الضخمة . لكنها تفتقر للسبب الذي يجعلها تقوم بإنشائها بهذه الضخامة! فما الفائدة إذا أُعطيت مدينة كبيرة للتجوال ، وكلما تذهب إلى مكان تجده مقفلاً ؟! "
وهو صادقٌ فيما يقول ، فالجماهير لا يريدون ضخامةً وغطاءً بلا محتوى يغوصون بداخله ! لذلك ظلّت GTA هي التي قدّمت الفكرة بأفضل قالب !
+++
عموماً ، في نهاية 2005 ، وتحديداً عندما أُطلق جهاز الـ X-BOX360 تسابقت شركات الألعاب للحظيّ بشرف إطلاق أول لعبة تجوال حر في عالم مفتوح ! فكان هذا الشرف من نصيب لعبة Elder Scrolls: Oblivion
ليست المسألة مجرّد سيفٍ ودرع ... بل أشمل !!
بعدها بقليل أُطلقت لعبة شبيهة بـ GTA ، والتي حملت اسم Saints Row . والتي تحوي قصة حروب العصابات . لقد اتبعت نهج GTA تماماً ، وأتقنت في إحياء جو المدينة التي تدور داخلها أحداث اللعبة ! شخصياً قمت بتجربتها ، لقد كانت أكثر من رائعة خصوصاً في عامل الزمن الحر / المقيّد ! ستجدُ أن المحلات التجارية تُغلق في الليل . وليس هذا فقط ، بل إن هذا هو الوقت المناسب لك للقيام ببعض السرقات !!
وهل يخفى القمر ؟! هنا الحديث سيكون حتماً عن أفضل سلسلة تتيح معنى " التجوال الحر " جيل آخر ، لعبة أخرى ، مفهوم آخر!! لم تعد المهام التي تقوم بها تُتاح في أي وقت ، بل إن بعضها يأتيك في لحظات حرجة لتفعل أو لا تفعل ، لتكون أو لا تكون! بل إن بعض المهام ستكون على مدى أيام مختلفة ، أي أن مهمة واحدة ستقوم بتأديتها في أسبوع مثلاً في ساعات معيّنة من اليوم ، وما يتبقى من ذلك اليوم لك الحرية في فعل أي شيء لتملأ وقت فراغِك ... حياةٌ حقيقية !
.
عدل سابقا من قبل في السبت فبراير 02, 2008 6:04 am عدل 1 مرات
دحيم قرداحي ][عضوٍ][ ][فلهـ][
عدد الرسائل : 79 نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 04/01/2008